24‏/03‏/2017

لولا الإنقلاب لما أثير موضوع الشرعية أصلاً



*إن مرحلة التيه التي نعيشها حالياً، بالإضافة الى كونها متشعبة جداً فهي عميقة جداً. عميقة لدرجة تجعل الشخص يكتب الكلام الذي يدينه ويظن أنه يدعمه. لدرجة أن نفس الكلام ونفس النص يسخر لصالح قضية وهو في الواقع ضدها. أو بشكل اكثر حياداً تجعل ما تفهمه فئة كخادم لقضيتها تفهمه فئة أخرى كهادم لها من الأساس.

تناول عدد من النشطاء الحوثيين مؤخراً منشوراً للمؤتمري عادل الشجاع يضع فيه مقارنة بين الوضع في كوريا الجنوبية والوضع في بلادنا. ويقول أنه برغم أن رئيسة كوريا الجنوبية كانت شرعية إلا أنه تم عزلها عند ثبوت خيانتها للأمانة التي منحها الشعب إياها بينما في اليمن يتم التحجج بشرعية الرئيس هادي لشن الحرب. يرددونه ذلك المنشور لدرجة التغني لكونه كما يزعم ويزعمون يخدم قضيتهم.

كم أتمنى لو تمكنت من الفكاك من الإخلاقيات التي وضعتها على كتاباتي حتى أخذ راحتي في نسف الشجاع وكلامه. لكن لن أفعل وسأركز فقط على الموضوع.

ترى هل هناك فعلاً وجه للشبه بين حالة كوريا الجنوبية واليمن. الجواب نعم في حالة واحدة أما الباقي فلا وألف لا. في كوريا الجنوبية هناك رئيسة منتخبة ديمقراطياً كما الرئيس هادي أيها المؤتمريون الإنقلابيون إن كنتم لا تزالون تذكرونّ وذلك وجه الشبه الوحيد. أما الباقي فمختلف تماماً.

لو أن مجموعة مسلحة من الشعب الكوري الجنوبي مدعومة من دولة ما لم تخض الإنتخابات وأنتهجت العنف واستخدمت السلاح لا جتياح المدن واحدة بعد أخرى حتى اسقطت العاصمة سيول وحاصرت الرئيسة المنتخبة واعتقلت الحكومة المتوافق عليها من الجميع بما فيها هم. ونهبت سلاح الدولة والجيش وذهبت له الى صعدتهم ووصفت الشعب بأنه دواعش وبدأت تخوض الحروب في كل الجهات للسيطرة على الحكم بالقوة المسلحة. أكان يمكن أن يسمح لذلك في كوريا الجنوبية أن يمضي؟ ليراجع الشجاع نفسه وليسأل مؤيدوه أين حصل هذا هل في كوريا أم اليمن؟

في كوريا خانت الرئيسة ثقة شعبها وذلك لا جدال فيه، فاتجه الناس لإسقاطها عبر المؤسسات الدستورية لا عبرالمليشيات وبسلاح القانون لا بسلاح المدفعية والدبابات المنهوبة. في كوريا المعركة مع الرئيسة لا مع الشعب أما في اليمن المعركة بين شعب وأنقلاب.

أنت يا عادل الشجاع وغيرك من الإنقلابيين تتكسر رؤوسكم عندما تسمعون لفظ الشرعية. أنا أقدر موقفكم وأعرف كما تعرفون أنها الشيء الوحيد الذي ينقصكم لتكونوا مثل بقية البشر في بقية أصقاع الدنيا. لذلك لا تفوتون فرصة لمحاولة التشكيك في شرعية الرئيس هادي وتركزون عليه باعتباره المشكلة من أساسها. نلفت عنايتكم الى أن هناك شيء اسمه الإنقلاب، فكروه به! فلولاه لما أثير موضوع الشرعية أصلاً. أرجعوا إليه فكروا في أسبابه وكيفية القضاء عليه، لا تذهبوا بعيداً الى ما ليس بأيديكم.

سأسألكم سؤالاً بسيطاُ للغاية، لنفترض أن الرئيس هادي فاقد للشرعية كم تزعمون، فمن الشرعي إذن؟ أسألوا أنفسكم وأجيبوا إن كنتم تجرؤون. هل ستقولون عبد الملك الحوثي؟ بأي صفة. من رشحه من انتخبه؟ من أعطاه صفة شرعي؟ لا صفة له إلا أنه زعيم مليشاوي ولا شيء غير ذلك. هل ستقولون علي عبد الله صالح، من هو هل بصفته رئيس سابق؟ أليس ناصر محمد رئيس سابق وعلي سالم البيض رئيس سابق، أليس من حقهم أن يدعوا أنهم شرعيون أيضاً؟ هل بصفته رئيس حزب؟ أليس للإصلاح رئيس حزب وللإشتراكي رئيس حزب بل حتى حزب الحق له حزب. فلم علي عبد الله صالح هو الشرعي بصفته رئيس حزب. هل ستقولون يحيى الراعي بصفته رئيس مجلس النواب وفق الدستور الذي انقلبتم عليه؟ بالطبع لا . فإذا كانت جحتكم أن هادي انتهت ولايته في العام 2014 فإن الرعي قد انتهت ولايته منذ العام 2009 ولم يعد له صفة بعدها إذن. الشرعية التي تعضون النواجذ ندماً عليها غير موجودة فيكم، وأنتم والعالم كله يعرف ذلك.

سأكون موضوعياً أكثر يا عادل الشجاع، وأعطيك الإجابة التي تريد. لم يعد أحد في اليمن شرعي بشكل مطلق لا إنقلابييكم ولا هادينا. ولكن هناك صاحب الشرعية النسبية أو الشخص الأقرب الى الشرعية وهو الرئيس هادي لا أحداً سواه. ليس لأننا نريد ذلك ولكن لانه الوحيد الذي جاء بانتخابات حرة شارك فيها الجميع حتى المؤتمريون الإنقلابيون منهم والمنضمون الى الشرعية، ولا يمكن أن تسقط شرعية هادي الذي تكرهون إلا بانتخابات حرة أخرى. وانقلابكم هو سبب المآسي وأم الكوارث. فلو لم يحدث لكانت قد جرت إنتخابات جديدة وتم إنتخاب رئيس جديد للبلاد سواء حوثي أو مؤتمري أو غير ذلك لا يهم ولن نعترض عليه طالما أنه شرعي مثل هادي حالياً.

ما لا تدركونه أننا لا نحب هادي ولا نتمسك به لشخصه كما تتمسكون بالحوثي أو صالح. إننا نتمسك به لكونه الشرعية التي ستخلصنا من إنقلابكم ومليشياتكم. إننا نتمسك به رغبة في مشروع اليمن الإتحادي الذي يعمل على توزيع السلطة الثروة بين اليمنيين بشكل عادل، لا تستأثر فيه منطقة أو فئة أو جماعة بالحكم والجيش والقوة لتسخر بقية اليمن في خدمتها. إننا نتمسك بهادي ونعض عليه بالنواجذ لأنه الشرعية التي سترفع الحصار الذي فرضه الحوثيون على تعز وتضمن أن تعز لن تحاصر الحوثيين في صعدة أو غيرها. الشرعية التي تجعل العسكري الذي اسم معلق على صدره ورقم عسكري ويلبس الزي العسكري يمثل الدولة ويعمل في أي منطقة في الجمهورية وهو يمثل الدولة ليس ذلك المجهول الذي يدعى أبو ..... ولا تعرف ماذا يريد ولا أي قضية يحمل.

بعد استعادة الدولة وإزالة سلطة الإنقلاب، ستجري أنتخابات حرة ونزيهة وسيرشح اليمنيون من يشاءون. وأعدك أن هادي الذي أتمسك بشرعيتة الآن لن يرشح نفسه فيها وإن فعل أعدك أنني لن أمنحه وصوتي. فهل تفهمون؟!